Logo Logo
الإمام الحسن العسكري (ع) في سطور
الإمام الحسن العسكري (ع) في سطور

الإمام الحسن العسكري (ع) في سطور

الإمام الحسن بن عليّ العسكري هو المعصوم الثالث عشر والإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت(ع) بعد رسول الله (ص) .

نشأ وتربّى في ظلّ أبيه الذي فاق أهل عصره علماً وزهداً وتقوىً وجهاداً . وصحب أباه اثنين أو ثلاثاً وعشرين سنة [1] وتلقّى خلالها ميراث الإمامة والنبوّة فكان كآبائه الكرام علماً وعملاً وقيادةً وجهاداً وإصلاحاً لاُمّة جدّه محمّد(ص) .

وقد ظهر أمر إمامته في عصر أبيه الهادي (ع) وتأكّد لدى الخاصة من أصحاب الإمام الهادي والعامة من المسلمين أنّه الإمام المفترض الطاعة بعد أبيه(ع) .

تولّى مهامّ الإمامة بعد أبيه واستمرّت إمامته نحواً من ست سنوات [2] ، مارس فيها مسؤولياته الكبرى في أحرج الظروف وأصعب الأيّام على أهل بيت الرسالة بعد أن عرف الحكّام العباسيون ـ وهم أحرص من غيرهم على استمرار حكمهم ـ أنّ المهدي من أهل بيت رسول الله(ص) ومن ولد عليّ ومن ولد الحسين (ع) فكانوا يترصّدون أمره وينتظرون أيّامه كغيرهم ، لا ليسلّموا له مقالد الحكم بل ليقضوا على آخر أمل للمستضعفين .

لقد كان الإمام الحسن العسكري (ع) استاذ العلماء وقدوة العابدين وزعيم المعارضة السياسية والعقائدية في عصره ، وكان يشار إليه بالبنان وتهفو إليه النفوس بالحبّ والولاء كما كانت تهفو الى أبيه وجدّه اللّذَين عُرف كل منهما بابن الرضا(ع) [3] ، كل هذا رغم معاداة السلطة لأهل البيت(ع) وملاحقتها لهم ولشيعتهم .

وقد فرضت السلطة العبّاسيّة الإقامة الجبرية على الإمام الحسن العسكريّ(ع) وأجبرته على الحضور يومين من كلّ اُسبوع في دار الخلافة العبّاسية.

وقد وُصِفَ حُضور الناس يوم ركوبه الى دار الخلافة بأنّ الشارع كان يغصّ بالدوابّ والبغال والحمير، بحيث لا يكون لأحد موضع مشي ولا يستطيع أحد أن يدخل بينهم فإذا جاء الإمام هدأت الأصوات وتوسّد له الطريق حين دخوله وحين خروجه [4] .

لقد كان جادّاً في العبادة طيلة حياته ولا سيّما حين كان في السجن حيث وكل به رجلان من الأشرار ، فاستطاع أن يحدث تغييراً أساسياً في سلوكهما وصارا من العبادة والصلاة الى أمر عظيم ، وكان إذا نظر إليهما ارتعدت فرائصهما وداخلهما ما لا يملكان [5]  .

وقد لاحقت السلطة العبّاسية الإمام العسكري (ع) وأحاطته بالرقابة وأحصت عليه كلّ تحرّكاته لتشلّ نشاطه العلمي والسياسي وتحول بينه وبين ممارسة دوره القيادي في أوساط الأُمّة .

ومن هنا كان الإمام مهتمّاً كآبائه (ع) بالعمل السرّي غاية الاهتمام بالإضافة الى إحكامه لجهاز الوكلاء ليكون قادراً على أداء دوره القيادي بشكل تام وفي ظل تلك الظروف العصيبة حتى استطاع أن يقضي على محاولات الإبادة لِنهج أهل البيت (ع) .

لقد خاض الإمام الحسن العسكري (ع) كآبائه الكرام (ع) ملحمة الكفاح السياسي لمواجهة الظلم والإرهاب والتلاعب بالسلطة ومقدرات الأُمّة ومصالحها فحافظ على اُصول الشريعة والقيم الرسالية ، ومهّد بذلك خير تمهيد لعصر الغيبة الذي أخبر النبيّ (ص) والأئمة من أهل بيته (ع) عن حتميّته وضرورته .

وقد زخرت مدرسة أهل البيت (ع) في عصر الإمام العسكري بالعلم والدعوة الى خطّ أهل البيت والدفاع عن الشريعة الإسلامية من خلال كوكبة أصحاب الإمام ورواة حديثه وطلاّب مدرسته .

وكان الإمام الحسن العسكري (ع) ـ بالرغم من حراجة ظروفه السياسية ـ جادّاً في الدفاع عن الشريعة ومحاربة البدع وهداية المترددين والشاكّين وجذبهم الى حضيرة الدين .

وعاصر الإمام (ع) مدة إمامته القصيرة جدّاً كلاً من المعتز والمهتدي والمعتمد العبّاسي [6]  ولاقى منهم أشدّ العنت والتضييق والملاحقة والإرهاب، كما تعرّض للاعتقال عدّة مرّات .

وازداد غيض المعتمد من إجماع الأُمّة ـ سنّة وشيعة ـ على تعظيم الإمام (ع) وتبجيله وتقديمه بالفضل على جميع العلويين والعباسيين في الوقت الذي كان المعتمد خليفةً غير مرغوب فيه لدى الاُمّة . فأجمع رأيه على الفتك بالإمام واغتياله فدسّ له السمّ . وقضى نحبه صابراً شهيداً محتسباً ، وعمره دون الثلاثين عاماً. فسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد في سبيل رسالة ربّه ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً .

المصادر:

[1] المؤرخين اختلفوا في سنة ولاده الإمام العسكري(ع) .

[2] إعلام الورى: 2/129.

[3] مناقب آل أبي طالب: 3/523.

[4] الإمامة للطبري: 429 ـ 430.

[5] الكافي: 1/512 .

[6] إعلام الورى: 2/131.