Logo Logo
نصوص الإمام الهادي على إمامة الحسن العسكري(ع)
نصوص الإمام الهادي على إمامة الحسن العسكري(ع)

نصوص الإمام الهادي على إمامة الحسن العسكري(ع)

نصوص الإمام الهادي على إمامة الحسن العسكري(ع)

حينما نطالع مجموعة النصوص التي وصلتنا عن الإمام الهادي (ع) في مصادرنا الحديثية الموثوقة نلمس مجموعة من الظواهر التي ترتبط بهذه النصوص الدالة (المشيرة أو الصريحة الدلالة) على إمامة الحسن العسكري(ع) بعد أبيه ، وهي كما يلي :

1 ـ يبدو أنّ النصوص قد صدرت عن الإمام الهادي (ع) بالتدريج لاعتبارات شتّى ، ولا يمكن أن نغفل مراعاة الجانب الأمني في هذا التدرّج، وهذا التدرّج في كيفية بيان المصداق وطرحه للمسلمين فالإمام (ع) نراه تارة يُبهم الأمر وأُخرى يشير إشارة سريعة وثالثة يقوم بالتصريح .

ونلاحظ التدرّج في كيفية الطرح أيضاً فإ نّه يقوم بطرح الموضوع أمام فرد واحد أو فردين ثمّ أمام جمع وثالثة يقوم باستشهاد أربعين شاهداً على النصّ .

كما أنّه يتدرّج في إعطاء بعض العلائم المشيرة تارةً ، ويجمع أكثر من علامة وشاهد لئلا يقع التباس ، وثالثة يقوم بكتابة النصّ وإرساله إلى الراوي الثقة ، وأُخرى يُدلي بشواهد كاشفة عن الأمر تتحقق بعد وفاته لتعضد ما أدلى به بوضوح .

2 ـ تبدأ النصوص المرتبطة بالسؤال عمّن يتقلد منصب الإمامة بعد الإمام الهادي (ع) قبل وفاة ابنه محمّد (أبي جعفر) وتتدرّج النصوص الى أواخر حياة الإمام الهادي (ع) .

وفي حياة ابنه محمّد (أبي جعفر) لا نجد نصّاً صريحاً بامامته بل قد نجد فيها ما يدفع الإمامة عنه . بالرغم من أنّ الظنون كانت متوجّهة إليه . كما نجد من الإمام (ع) إرجاء بيان الأمر الى وقته الملائم . ثمّ بعد وفاة أبي جعفر تبدأ الإشارات ثمّ تتلوها التصريحات حيث تترى على مسامع الرواة الثقات والشيعة المهتمين بأمر الإمامة .

3 ـ إنّ النصوص التي ترتبط بأمر الإمامة قبل وفاة ابنه محمّد هي

النصّ الثاني والسابع مما رواه في الكافي في باب الإشارة والنصّ على أبي محمّد(ع) :

أمّا النصّ السابع فينتهي سنده إلى عليّ بن عمرو العطّار ، ويقول فيه : دخلت على أبي الحسن العسكري وأبو جعفر ابنه في الأحياء وأنا أظنّ أنّه هو ، فقلت له : جُعِلتُ فداك من أخصّ من ولدك ؟ فقال (ع) : لا تخصّوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري . قال : فكتبت إليه بعدُ : فيمن يكون هذا الأمرُ ؟ قال : فكتب إليّ : في الكبير من ولدي . قال : وكان أبو محمّد أكبر من أبي جعفر [1] .

والملاحظ في هذا النصّ أن الإمام يُرجئ بيان الأمر الى فرصة أُخرى أوّلاً، وحينما يستكتبه ثانياً يحصل على الجواب ولكن لا يُفهم من الرواية أن استكتابه كان في حياة أبي جعفر أو بعد وفاته ، وإن كان الاستكتاب ينسجم مع كونه حيّاً . وحينئذ فالامام يجيب بالعلامة لا بالتصريح .

على أنّ هناك نصّاً يقول بأنّ محمّداً كان أكبر ولد الإمام الهادي بينما يعارضه هذا النصّ حيث يتضمن دعوى الراوي بأنّ الحسن كان أكبر ولده .

نعم ، هناك نصوص من الإمام الهادي (ع) نفسه تتضمن بأنّ الحسن أكبر ولده ، ولكن لا تأبى أن تحمل على أنّه أكبر ولده بعد وفاة أخيه أبي جعفر .

أمّا النصّ الثاني فينتهي سنده الى عليّ بن عمر النوفلي وقد جاء فيه أنّه قال : كنت مع أبي الحسن في صحن داره فمرّ بنا محمّد ابنه . فقلت له : جعلتُ فداك ، هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال : لا . صاحبكم بعدي الحسن [2] .

وجاء عن أحمد بن عيسى العلوي من ولد عليّ بن جعفر أنّه قد دخل على أبي الحسن (ع) بـ (صريا) فسلّم عليه وإذا بأبي جعفر وأبي محمّد قد دخلا . فقاموا الى أبي جعفر ليسلّموا عليه فقال أبو الحسن (ع) : ليس هذا صاحبكم ، عليكم بصاحبكم وأشار الى أبي محمّد [3] .

وفي هذا النصّ نجد النفي القاطع لتصور أنّ الإمام هو محمّد . لعلّ سبب هذا التصوّر هو ما عرف عنه من الصلاح والعلم والتقى مع كونه أكبر ولده ، إذ كان المعروف أنّ الإمامة في أكبر ولد الإمام ، فالإمام ينفي إمامة محمّد ويصرّح بإمامة ابنه الحسن ، بينما لاحظنا في النصّ السابق إصراره على عدم التصريح وإيكال التصريح الى فرصة أُخرى .

4 ـ واما النصوص التي صدرت من الإمام الهادي (ع) وأشارت أو صرّحت بإمامة الحسن (ع) بعد وفاة أخيه محمّد فهي النصّ الرابع والخامس والثامن والتاسع مما جاء في الكافي في كتاب الحجّة ، في باب الإشارة والنصّ على أبي محمّد (ع) . وهي كما يلي :

أ ـ نظراً لاتحاد مضمون النصين الرابع والخامس ننقل النصّ الخامس الذي ينتهي سنده الى أحمد بن محمّد بن عبد الله بن مروان الأنباري إذ يقول: كنت حاضراً عند مضيّ أبي جعفر محمّد بن عليّ (ع) فجاء أبو الحسن (ع) فوضع له كرسي فجلس عليه وحوله أهل بيته وأبو محمّد قائم في ناحية ، فلمّا فرغ من أمر أبي جعفر التفت الى أبي محمّد (ع) فقال : «يابني أحدِث لله تبارك وتعالى شُكراً فقد أحدث فيك أمراً» [4] .

والذين سمعوا هذا النصّ قد فهموا منه أنّه يشير إليه بأمر الإمامة وكانت هذه الإشارة في جمع من بني هاشم وآل أبي طالب وقريش طبعاً كما جاء في النصّ الثامن ويتضمن النصّ الثامن أيضاً موقف أبي محمّد تجاه كلمة الإمام الهادي (ع) التي وجّهها إليه ، وهو : .. أنّ الحسن قد بكى وحمد الله واسترجع وقال : «الحمد لله ربّ العالمين وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيكَ وإنّا لله وإنّا إليه راجعون» ، فسُئل عنه فقيل : هذا الحسن ابنه ، وقدّر له في ذلك الوقت عشرون سنة أو أرجح ، قال الراوي : فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه [5] .

وجاء في النصّ التاسع المرويّ عن محمّد بن يحيى بن درياب قال : دخلتُ على أبي الحسن (ع) بعد مضيّ أبي جعفر فعزّيته عنه وأبو محمّد(ع) جالس فبكى أبو محمّد فأقبل عليه أبو الحسن فقال له : «إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفَاً منه فاحمد الله» [6] .

المصادر:


[1] الكافي: 1/326.

[2] الإرشاد: 2/314 ـ 315.

[3] الغيبة للطوسي: 199.

[4] إعلام الورى: 2/134.

[5] الكافي: 1/327.

[6] كشف الغمة: 3/201.