سماحته وكرمه
نقل المؤرخون نماذج من السيرة الكريمة للإمام العسكري (ع) نذكر بعضاً منها :
1 ـ روى الشيخ الكليني والشيخ المفيد عن محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى بن جعفر(ع): قال : ضاق بنا الأمر فقال لي أبي : امضِ بنا حتى نصير الى هذا الرجل ـ يعني أبا محمّد ـ فإنه قد وصف عنه سماحة .
فقلت : تعرفه ؟
قال : ما أعرفه ، ولا رأيته قط .
قال : فقصدناه .
فقال لي أبي وهو في طريقه : ما أحوجنا الى أن يأمر لنا بخمسمائة درهم مائتي درهم للكسوة ومائتي درهم للدقيق ، ومائة درهم للنفقة .
وقلت في نفسي ليته أمر لي بثلاثمائة درهم ، مائة اشتري بها حماراً ومائة للنفقة ومائة للكسوة ، فأخرج الى الجبل .
قال ـ أي محمّد بن عليّ ـ فلما وافينا الباب خرج غلامه ، فقال : يدخل عليّ بن إبراهيم ومحمّد ابنه ، فلما دخلنا عليه وسلمنا ، قال لأبي : ياعليّ ما خلفك عنا الى هذا الوقت، قال : ياسيدي : استحييت أن ألقاك على هذه الحال ، فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرة، وقال: هذه خمسمائة درهم، مائتان لِلكسوة ، ومائتان للدقيق ، ومائة للنفقة وأعطاني صرة وقال : هذه ثلاثمائة درهم فاجعل مائة في ثمن حمار ، ومائة للكسوة ، ومائة للنفقة ، ولا تخرج الى الجبل ، وصر الى سوراء.
قال : فصار الى سوراء وتزوج بإمرأة منها فدخله اليوم ألفا دينار ومع هذا يقول بالوقف [1] .
2 ـ وروى إسحاق بن محمّد النخعي قال : حدثني أبو هاشم الجعفري قال : شكوت الى أبي محمّد (ع) ضيق الحبس وكلب القيد [2] ، فكتب إلي أنت تصلي اليوم الظهر في منزلك ، فاُخرجت وقت الظهر فصليت في منزلي كما قال ، وكنت مضيقاً فأردت أن أطلب منه معونة في الكتاب الذي كتبته فاستحييت ، فلما صرت إلى منزلي وجّه إليّ بمائة دينار ، وكتب إليّ: «اذا كانت لك حاجة ، فلا تستحِ ولا تحتشم واطلبها تأتك على ما تحب إن شاء الله» [3] .
3 ـ وعن إسماعيل بن محمّد بن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن العباس قال : قعدت لأبي محمّد (ع) على ظهر الطريق ، فلما مرَّ بي شكوت إليه الحاجة وحلفت له أنّ ليس عندي درهم، فما فوقه ، ولا غذاء ولا عشاء قال : فقال (ع) تحلف بالله كاذباً وقد دفنت مائتي دينار ؟ ! وليس قولي هذا دفعاً لك عن العطية ، أعطه ياغلام ما معك ، فأعطاني غلامه مائة دينار ثم أقبل عليّ فقال: إنك تحرم الدنانير التي دفنتها أحوج ما تكون إليها ، وصدق (ع) ، وذلك أنّي أنفقت ما وصلني به ، واضطررت ضرورة شديدة الى شيء أنفقه ، وانغلقت عليّ أبواب الرزق ، فنبشت عن الدنانير التي كنت دفنتها فلم أجدها فنظرتُ فإذا ابن عمّ لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب ، فما قدرت منها على شيء [4] .
المصادر:
[1] الكافي: 1/506.
[2] كلب القيد : شدته وضيقه .
[3] إعلام الورى: 2/140 .
[4] الإرشاد: 2/332.