Logo Logo
ولادة عليّ (ع) وتربية النبيّ (ص) له
ولادة عليّ (ع) وتربية النبيّ (ص) له

ولادة عليّ (ع) وتربية النبيّ (ص) له

ولادة عليّ (ع) وتربية النبيّ (ص) له

إنّ العلاقة بين محمّد (ص) وعليّ بن أبي طالب(ع) لا تقتصر على النسب بل تتميّز بأ نّها علاقة فكرية وعاطفية عميقة جداً، فما ان خرجت فاطمة بنت أسد تحمل وليدها الذي وضعته في بطن الكعبة[1] حتى تقدّم إليها محمّد المصطفى (ص) وأخذ علياً فضمَّه إلى صدره[2] وكانت هذه بداية العناية به والإعداد الخاص له.

ونشأ الوليد في أحضان والديه وابن عمه محمد (ص) الذي كان يتردد كثيراً على دار عمّه حتى بعد زواجه من خديجة (رضي الله عنها)، يشمله بفيض خاص من العواطف والاهتمام الفائق يناغيه في يقظته ويحمله على صدره، ويحرك مهده عند نومه. وقد انعكست هذه الرعاية المستمرة لسنوات طويلة ـ وهذا الحنان العظيم الملفت للنظر ـ بآثارها على سلوك عليّ وشعوره حتّى طفح على لسانه وكلامه فأشار الى شدة قربه من رسول الله (ص) بقوله (ع): «وقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويُمِسُّني جسده ويُشمّني عَرْفه وكان يمضغ الشيء ثم يُلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل، ولقد كنت أتّبعه إتباع الفصيل أثر اُمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالإقتداء به»[3] .

وحين اشتدت الأزمة الاقتصادية على قريش سارع محمد (ص) مقترحاً على عمّيه حمزة والعباس أن يعينا أبا طالب في شدّته فأخذ العباس طالباً وأخذ حمزة جعفراً واستبقى أبو طالب عقيلاً وأخذ محمد (ص) عليّاً وقال لهم: قد اخترت من اختار الله لي عليكم: علياً[4].

وهكذا انتقل عليّ (ع) إلى دار ابن عمه ورعايته وأخذت تتبلور شخصيته ولم يفارقه حتى آخر لحظات عمر النبيّ (ص) . إنّ اهتمام النبي  (ص) بعلي  (ع) لم يقتصر على فترة الأزمة الاقتصادية وهذا يفيدنا بأنّ النبيّ (ص) كان يهدف أمراً آخر هو أن يتربى عليّ (ع) في حجره  (ص) ليعدّه إعداداً خاصاً كي يتسنى له القيام بدور رسالي عظيم في صيانة شريعة الرسول الخاتم التي كان الله قد اختار لها خير خلقه وصفوة عباده.

وهكذا هيأ الله لعلي (ع) أن يعيش منذ نعومة أظفاره في كنف الرسول  (ص) يحظى بمودّته وحنانه، ويقتبس من أخلاقه وعظيم سجاياه. هذا وقد عامله النبيّ(ص) كما لو كان ولده الحبيب .. وعاش علي (ع) مع النبيّ (ص) كلّ التحولات الغيبية التي جرت لرسول الله (ص) إذ لم يفارقه في كل يومه[5].

إن ما حفظه لنا التاريخ من سيرة الإمام علي (ع) يجسد لنا ـ  بعمق وقوة  ـ المدى الذي كان الإمام (ع) قد حظي به في مضمار الإعداد الرسالي على يد الرسول (ص) قبل البعثة وبعدها وما خصّه به من إعداد روحي ونفسي ممّا جعله جديراً بالمرجعية الفكرية والعلمية فضلاً عن المرجعية السياسية بعد رسول الله(ص).


المصادر:

[1] قال الحاكم النيسابوري: «فقد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة» المستدرك على الصحيحين : 3 / 483.

[2] الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي:30 (الفصل الأوّل في ذكر أميرالمؤمنين((عليه السلام)) .

[3] نهج البلاغة:311/ ضمن خ 192 الخطبة (القاصعة).

[4] مقاتل الطالبيين :41 .

[5] نهج البلاغة: 311/ ضمن الخطبة 192 (الخطبة القاصعة).