Logo Logo
دفاع أبي طالب عن الرسول(ص) والرسالة الإلهيّة
دفاع أبي طالب عن الرسول(ص) والرسالة الإلهيّة

دفاع أبي طالب عن الرسول(ص) والرسالة الإلهيّة

دفاع أبي طالب عن الرسول(ص) والرسالة الإلهيّة

لم ينثن رسول الله (ص) عن الإستمرار في نشر الرسالة الإسلامية بل اتسع نشاطه وكثرت تحركاته وتحركات أتباعه المؤمنين به وازدادت جاذبية الدين الجديد في نظر الناس، وقد بدت قريش تظهر غيظها وتسعى لتجد السبل لإيقاف هذا المدّ الجديد (الإسلام)، والقضاء عليه فعاودت مساعيها عند أبي طالب مرّة اُخرى باذلة مغرياتها تارة لإقناع الرسول بالعدول عن دعوته والتراجع عن دينه وتارة اُخرى بالتهديد والوعيد فقالوا له: يا أبا طالب إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنّا وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آباءنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين.

وأدرك أبوطالب ـ وهو زعيم بني هاشم ـ قرار قريش الصارم وعدم تورّعها عن سلوك كل السبل للقضاء على ابن أخيه ورسالته الفتية فحاول تهدئة الموقف مرة ثانية وتسكين غضب قريش حتى يعالج الموقف مع ابن أخيه ، ولكن رسول الله  (ص) أصرّ على مواصلة تبليغه للرسالة الإسلامية تنفيذاً لأوامر الله مهما كانت الظروف والنتائج فقال (ص): «يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته»، ثم اغرورقت عيناه الشريفتان بالدموع وقام ليذهب فتأثر أبو طالب لذلك وهو يعلم صدق ابن أخيه ويؤمن به فقال له: إذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبداً.

ولم تفتر قريش عن إصرارها في الردع فمشت مرة أخرى إلى أبي طالب (ع) تطمعه بخذلان رسول الله (ص) فتعطيه أجمل فتيان مكّة بدل ابن أخيه ليسلّمه أبو طالب إليهم فقالوا له: يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولداً فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك ، هذا الذي فرّق جماعة قومك، وسفّه أحلامهم فنقتله فإنما هو رجل برجل، فردّهم أبوطالب مستاءاً من هذه المساومة الظالمة فقال: هذا والله لبئس ما تسومونني، تعطونني إبنكم أغذوه لكم، واُعطيكم إبني تقتلونه، هذا والله ما لا يكون أبداً. فقال المطعم بن عدي بن نوفل: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً، فأجابه أبو طالب قائلاً : والله ما أنصفوني ولكنّك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم عليّ فاصنع ما بدا لك
[1].

وهكذا أيقنت قريش بأنّه لا سبيل لهم لإرضاء أبي طالب بخذلان رسول الله(ص)، وسارع أبو طالب لاتخاذ تدابير احترازية ليضمن سلامة ابن أخيه واستمراره في نشر رسالته حين وجد الشرّ في نفوس قريش، فدعى بني هاشم وبني عبد المطلب لمنع رسول الله (ص) وحفظه والقيام دونه، فاستجابوا له سوى أبي لهب، وأَكْبَرَ أبو طالب موقف بني هاشم فشجّعهم وأثار فيهم العزيمة على الإستمرار في حماية النبيّ (ص)
[2].

المصادر:

[1] راجع السيرة النبوية لابن هشام 1: 266 - 267 .

[2] تاريخ الطبري 2: 68 .