Logo Logo
الزهراء(س) في المدينة
الزهراء(س) في المدينة

الزهراء(س) في المدينة

الزهراء(س) في المدينة

بعد استراحة الركب سار النبيّ الأكرم(ص) بمن معه من أصحابه وأهله متوجهاً إلى يثرب واستقبلته الجماهير المسلمة بالأشعار والأهازيج وشعارات الترحيب، واستقبله زعماء الأوس والخزرج مرحّبين بقدومه باذلين كلّ ما وسعهم من إمكانات مالية وعسكرية ، وكان عندما يمرّ على حيّ من أحيائهم يتقدّم الأشراف ليأخذوا بخطام الناقة رجاء أن ينزل في حيّهم حيث الضيافة والمنعة ، فكان (ص) يدعو لهم بالخير ويقول : « دعوا الناقة تسير فإنّها مأمورة » .

ثم بركت في رحبة من الأرض بجوار دار أبي أيوب الأنصاري ، فنزل الرسول(ص) ونزلت بضعته الطاهرة فاطمة الزهراء (س) مع الفواطم ودخلن على اُمّ خالد[1]([2])، وبقيت السيّدة فاطمة (س) مع أبيها (ص) زهاء سبعة أشهر حتى تمّ بناء المسجد ودار رسول الله (ص) وبيته المتواضع المؤلف من عدّة حجرات بعضها بالأحجار، والبعض الآخر من جريد النخل ، أمّا ارتفاع الحجرات فقد وصفه الإمام الحسن (ع) سبط رسول الله (ص) فيما جاء عنه أنّه قال : « كنت أدخل بيوت النبيّ (ص) وأنا غلام مراهق فأنال السقف بيدي »[3].

أمّا الأثاث الذي هيّأه النبيّ(ص) لبيته الجديد فهو في منتهى البساطة والخشونة والتواضع ، فقد أعدّ لنفسه سريراً مؤلّفاً من أخشاب مشدودة بالليف، واستقرّت الزهراء في دار هجرتها وفي بيت أبيها ، ذلك البيت البسيط المتواضع في دار الإسلام ، لتنعم بعنايته وحبّه ورعايته ، تلك العناية والرعاية والحبّ الذي لم يحظ بمثله امرأة ولا أحد من الناس سواها .

إلى هذا البيت المتواضع جاءت فاطمة بنت محمّد (ص) مهاجرة من مكّة لترى أباها بين أنصاره في يثرب يفدونه بالأنفس ومعه المهاجرون، وقد اطمأن بهم المقام مع إخوانهم ممن أسلم من الأوس والخزرج، وانصرفوا مع النبيّ(ص) إلى الدعوة للإسلام والتخطيط لغد أفضل، وقد آخى النبيّ(ص) بينهم وبين مسلمي المدينة ليذهب عنهم وحشة الاغتراب ويشدّ بعضهم إلى بعض بتلك الاُخوة التي تجمعهم على صعيد واحد، وهو الإيمان بإله واحد لا شريك له، وترك عليّاً لنفسه فأخذ بيده ومعه حشد من المهاجرين والأنصار ، وقال : « هذا أخي ووصيّي ووارثي من بعدي»[4] ولم يمضِ وقت طويل على تلك المؤاخاة التي فاز بها عليّ (ع) حتى أصبح صهراً للنبيّ وزوجاً لأحبّ بناته إليه وأعزّهنّ على قلبه وروحه.

وبعد ما استقر رسول الله (ص) في المدينة تزوّج « سودة » وهي أوّل من تزوّجها بعد السيّدة خديجة (رضي الله عنها) ثم تزوّج « اُمّ سلمة بنت أبي اُمية»[5]وفوّض أمر ابنته الزهراء إليها .

قالت اُمّ سلمة : تزوّجني رسول الله (ص) وفوّض أمر ابنته فاطمة (س) إليَّ ، فكنت أُؤدّبها وأدلّها ، وكانت والله أأدب منّي وأعرف بالأشياء كلّها[6].

المصادر:

[1] خالد : هو اسم أبي أيوب الأنصاري .

[2] السيرة النبوية لابن هشام 2: 343 ـ 344 .

[3] التمهيد لابن عبدالبرّ 8: 98 .

[4] أمالي الصدوق: 427 / ح563 .

[5] المصنف للصنعاني 7: 489 / ح 13997.

[6] دلائل الإمامة: 82 / ح21 .