Logo Logo
مكانة أم البنين عليها السلام عند أهل البيت (ع)
مكانة أم البنين عليها السلام عند أهل البيت (ع)

مكانة أم البنين عليها السلام عند أهل البيت (ع)

رزقت أم البنين من الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أربعة أولاد كلهم استشهدوا في معركة الطف الخالدة بكربلاء، وقد أظهرت هذه المعركة بشكل واضح جلي إخلاص آل البيت الكريم وتضحيتهم في سبيل إعلاء كلمة الإسلام والحق، وتمسكهم في الدفاع عن المثل العليا والكرامة ضد الجبروت والطغيان. فضربوا بذلك مثلاً يقتدى به في التضحية ونكران الذات، وكان أبرز شجعان هذه المعركة أولادها الأربعة وهم: العباس وعبد الله وجعفر وعثمان، وأمهم أم البنين فاطمة بنت حزام، ومحمد الأصغر المكنى بأبي بكر وعبد الله الشهيدان مع أخيهما الحسين (عليه السلام).

لقد كان هؤلاء الأبطال المثل الأعلى للناس آنذاك في النهوض والاستبسال والتحرر من ذل الخنوع والكسل والجهل. فمن يتبصر في سيرهم يقف إجلالاً لهم وإعظاماً لمقامهم الشامخ، ويصح فيهم قول الشاعر:

مــــن تــــلقَ فـــيهم تقل لاقيت سيدهم مثل النــــجوم التي يسري بها الساري

مكانتها عند أهل البيت

ولهذه السيدة الزكية مكانة متميّزة عند أهل البيت (عليهم السلام)، فقد أكبروا إخلاصها وولاءها للإمام الحسين (عليه السلام)، وأكبروا تضحيات أبنائها المكرمين في سبيل سيد الشهداء (عليه السلام)، يقول الشهيد الأول وهو من كبار فقهاء الإمامية:

كانت أم البنين من النساء الفاضلات، العارفات بحقّ أهل البيت (عليهم السلام)، مخلصة في ولائهم، ممحضة في مودّتهم، ولها عندهم الجاه الوجيه، والمحلّ الرفيع، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تعزّيها بأولادها الأربعة، كما كانت تعزّيها أيام العيد..).

إن زيارة حفيدة الرسول (صلى الله عليه وآله) وشريكة الإمام الحسين (عليه السلام) في نهضته زينب الكبرى (عليها السلام) لأم البنين، ومواساتها لها بمصابها الأليم بفقد السادة الطيبين من أبنائها، مما يدل على أهميّة أم البنين وسموّ مكانتها عند أهل البيت (عليهم السلام).

وبلغ من عظمها ومعرفتها وتبصرها بمقام أهل البيت أنها لما دخلت على أمير المؤمنين وكان الحسنان مريضين أخذت تلاطف القول معهما وتلقي إليهما من طيب الكلام ما يأخذ بمجامع القلوب وما برحت على ذلك تحسن السيرة معهما وتخضع لهما كالأم الحنون.

ولا بدع في ذلك فإنها ضجيعة شخص الإيمان قد استضاءت بأنواره وربت في روضة أزهاره واستفادت من معارفه وتأدبت بآدابه وتخلقت بأخلاقه.

وما لاشك فيه أن أم البنين إذا كانت تحسن السيرة مع الحسنين (عليهما السلام) وتحنو عليهما، فهذا العمل كذلك تفعله مع زينب وأختها أم كلثوم، وهذا أمر لا ريب فيه أنها (رضوان الله عليها) تنظر إلى أولاد أمير المؤمنين (عليه السلام) بعين الكرامة والمحبة لهم ولأبيهم (عليهم السلام)، ومن كانت هذه سيرته يكون بطبيعة الحال محبوباً معظماً، وإذا كانت أم البنين عند أهل البيت (عليهم السلام) بهذه المنزلة السامية والمرتبة العالية، إذاً فلا غرابة إذا عظمها محبو أهل البيت، فإن لها عندهم المنزلة العظيمة في نفوسهم والمحبة الشديدة في قلوبهم من الرجال والنساء ويذكرونها بالإكبار والتبجيل، وبلغ من تعظيمهم لها أنهم ينذرون لها بثواب الصوم والصلاة وتلاوة القرآن، كما كانوا يفعلون ذلك في تعظيم المعصومين (عليهم السلام) وتكون نية الصوم والصلاة وتلاوة القرآن تقرباً إلى الله (تعالى) ويهبون ثواب ذلك كله للمنذور له وصيغة النذر (لله علي نذر يلزمني اداؤه وقضائه لأن مكنني الله من الشيء الفلاني (من فعل خير وشفاء من مرض ونحو ذلك) أصوم ثلاثة أيام (و أقل أو أكثر) قربة إلى الله واهب الثواب إلى فلان) وكذلك في الصلاة وتلاوة القرآن وقد اشتهر بين النساء أن يوم السبت هو اليوم الخاص الذي يصام فيه ويوهب الثواب لأم البنين (رضوان الله عليها).

وفاتها

توفيت السيدة أم البنين عليها السلام في 13 جمادي الآخر و دفنت في أرض البقيع.

إن مؤامرات الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، تنال الكثير من الأشياء والأشخاص.

ومن هنا لا نعلم شيئاً عن سبب وفاة السيدة أم البنين (عليها السلام)، مع العلم بأنها كانت تفضح بني أمية الذين قتلوا الإمام الحسين (عليه السلام).

وقد أسس معاوية جند العسل وقتل به مالك الأشتر (رضوان الله عليه) وكثيراً من الأبرياء بالسم. حتى صار عادة فيهم وفي العباسيين والعثمانيين من بعدهم.

فقد ورد في التاريخ أن هارون قتل السيد الإدريسي به، وهكذا قتل المأمون السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) - كما رأينا في أحد التواريخ.

زيارة قبرها

زيارة قبر أم البنين (سلام الله عليها) لها أجر وثواب عظيم فإن زيارة قبور المؤمنين والمؤمنات لها ثواب كثير، وقد ورد التأكيد على ذلك في الروايات، فكيف بزيارة مثل قبرها.

وهي (عليها السلام) في المدينة المنورة في البقيع، ويلزم على المسلمين بناء قبور أئمة البقيع وقبور هؤلاء الصالحين والصالحات بأحسن ما يمكن ويناسب مقامهم العالي.

ومن الواضح أن تراب قبرها الطاهر له الأثر الخاص، طبعاً لا كأثر تراب قبور الأئمة المعصومين والأنبياء (عليهم الصلاة والسلام)، فإن مجرد كونه تراباً لمثل قبرها له حيثية رفيعة كما هو واضح.

ولا يبعد بقاء جسدها (عليها السلام) في القبر.. وإن لم أجد لذلك نصاً، فإنه يعرف بالأشباه والنظائر:

فقد بقي جسد (بي بي حياة) المجاهدة مع الفتح الإسلامي في (يزد) إلى هذا اليوم.

وجسد حذيفة إلى زماننا في (بغداد) وذلك في قصة حدثت لقبره.

وغير ذلك مما هو كثير وكثير.

قال سبحانه عن السامري: (فقبضت قبضة من أثر الرسول) مع أنه كان تراب حافر فرس جبرئيل عند بحر مصر في قصة مرور موسى (عليه السلام).

فإذا كان ذلك التراب له هذا الأثر العظيم حتى جعل (عجلا جسداً له خوار) فمن الواضح أثر تراب قبرها (عليها السلام) (فإن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد).