Logo Logo
مقدّمات الزفاف ووليمة العرس فاطمة
مقدّمات الزفاف ووليمة العرس فاطمة

مقدّمات الزفاف ووليمة العرس فاطمة

مقدّمات الزفاف ووليمة العرس فاطمة

قال عليّ (ع) : « ومكثت بعد ذلك شهراً لا اُعاود رسول الله (ص) في أمر فاطمة بشيء، استحياءً من رسول الله (ص) غير أنّي كنت إذا خلوت برسول الله (ص) يقول لي : «يا عليّ ما أحسن زوجتك وأجملها ! أبشر يا عليّ فقد زوّجتك سيّدة نساء العالمين» فقال عليّ (ع): فلمّا كان بعد شهر دخل عليَّ أخي عقيل فقال : يا أخي ما فرحت بشيء كفرحي بتزوجك فاطمة بنت محمّد(ص) ، يا أخي فما بالك لا تسأل رسول الله (ص) يدخلها عليك ؟ فتقرّ عيناً باجتماع شملكما » .

قال عليّ (ع) : « والله يا أخي إنّي لاُحبّ ذلك وما يمنعني من مسألته إلاّ الحياء منه» فقال : أقسمت عليك إلاّ قمت معي ، فقمنا نريد رسول الله (ص)، فلقيتنا في طريقنا بركة « اُمّ أيمن » ـ مولاة رسول الله (ص) ـ فذكرنا ذلك لها، فقالت : لا تفعل ودعنا نحن نكلّمه ، فإنّ كلام النساء في هذا الأمر أحسن وأوقع بقلوب الرجال .

ثم انثنت راجعة فدخلت إلى اُمّ سلمة فأعلمتها بذلك وأعلمت نساء النبيّ فاجتمعن عند رسول الله (ص) فأحدقن به وقلن ـ والكلام لا يزال لاُمّ سلمة (اُمّ المؤمنين) ـ فديناك بآبائنا واُمهاتنا يا رسول الله قد اجتمعنا لأمر لو أنّ خديجة في الأحياء لقرّت بذلك عينها، قالت اُمّ سلمة : فلمّا ذكرنا خديجة بكى رسول الله (ص) ثم قال: « خديجة وأين مثل خديجة ؟ صدّقتني حين كذّبني الناس ووازرتني على دين الله وأعانتني عليه بما لها».

قالت اُمّ سلمة : فقلنا: فديناك بآبائنا واُمّهاتنا ، يا رسول الله إنّك لم تذكر من خديجة أمراً إلاّ وقد كانت كذلك ، غير أنّها قد مضت إلى ربّها ، فهنأها الله بذلك ، وجمع بيننا وبينها في درجات جنّته ورضوانه ورحمته، يا رسول الله هذا أخوك في الدين وابن عمك في النسب عليّ بن أبي طالب ، يحبّ أن تدخل عليه زوجته فاطمة وتجمع بها شمله، فقال : « يا اُمّ سلمة ، فما بال عليّ لا يسألني ذلك ؟ » .

فقلت : يمنعه الحياء منك يا رسول الله ، قالت اُمّ أيمن : فقال لي رسول الله (ص) : « انطلقي إلى عليّ فآتيني به » ، فخرجت من عند رسول الله (ص) فإذا عليّ ينتظرني ليسألني عن جواب رسول الله (ص) ، فلمّا رآني قال : « ما وراءك يا اُمّ أيمن ؟ » .


قلت : أجب رسول الله، قال عليّ (ع) : « فدخلت وقمن أزواجه فدخلن البيت وجلست بين يديه مطرقاً نحو الأرض حياءً منه » ، فقال (ص) : « أتحبّ أن تدخل عليك زوجتك ؟ »، فقلت وأنا مطرق : « نعم ، فداك أبي واُمّي » .

فقال : « نعم وكرامة ، يا عليّ ، أدخلها عليك في ليلتنا هذه أو في ليلة غد إن شاء الله »[1] .

فالتفت رسول الله (ص) إلى النساء وقال : «من هاهنا»؟ فقالت اُمّ سلمة : أنا اُمّ سلمة وهذه زينب وهذه فلانة وفلانة ، فقال رسول الله (ص) : « هيّئوا لابنتي وابن عمّي في حجري بيتاً » فقالت اُمّ سلمة : في أيّ حجرة يا رسول الله ؟ فقال (ص) : «في حجرتك»، وأمر نساءه أن يزيّنَّ فاطمة ويصلحن من شأنها.

قالت اُمّ سلمة : فسألت فاطمة : هل عندك طيب ادّخرتيه لنفسك ؟ قالت(س) : « نعم » فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي فشممت منها رائحة ما شممت مثله قطّ ، فقلت : ما هذا ؟ قالت (س) : «كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله (ص) فيقول لي (ص) : يا فاطمة هاتِ الوسادة فاطرحيها لعمّك ، فأطرح له الوسادة فيجلس عليها ، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شيء فيأمرني بجمعه فسأل عليّ(ع) رسول الله (ص) عن ذلك فقال (ص): هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل ».

قال رسول الله (ص) : « يا عليّ ، لا بدّ للعرس من وليمة » .

فقال سعد : عندي كبش ، وجمع رهط من الأنصار أصواعاً من ذرة، وأخذ رسول الله (ص) من الدراهم التي سلّمها إلى اُم سلمة عشرة دراهم فدفعها إليّ وقال : « اشتر سمناً وتمراً وإقطاً»[2]، فاشتريت وأقبلت به إلى رسول الله (ص) ، تحسّر عن ذراعيه ودعا بسفرة من أدم[3]، وجعل يشدخ[4] التمر والسمن ويخلطهما بالأقط حتى اتخذه حيساً[5]، ثم قال : « يا عليّ اُدعُ من أحببت ».

فخرجت إلى المسجد وهو مشحن بالصحابة ، فاستحييتُ أن اُشخص قوماً وأدع قوماً ، ثم صعدت على ربوة هناك وناديت : أجيبوا إلى وليمة فاطمة، فأقبل الناس أرسالاً[6] فاستحييت من كثرة الناس وقلّة الطعام ، فعلم رسول الله (ص) ما تداخلني ، فقال: «يا عليّ إنّي سأدعو الله بالبركة ، فجلّل السفرة بمنديل، وقال : أدخل عليَّ عشرة بعد عشرة ففعلت ، وجعلوا يأكلون ويخرجون لا ينقص الطعام» وكان النبيّ (ص) يصبّ الطعام بيده ، والعبّاس وحمزة وعليّ وعقيل يستقبلون الناس، قال عليّ : «فأكل القوم عن آخرهم طعامي وشربوا شرابي ، ودعوا لي بالبركة وصدروا وهم أكثر من أربعة ألاف رجل»

ثم دعا رسول الله (ص) بالصحاف فملئت ووجَّه بها إلى منازل أزواجه ، ثم أخذ صحيفة وجعل فيها طعاماً، وقال :
« هذه لفاطمة وبعلها»[7].


المصادر:

[1] كشف الغمّة 1: 369 ـ 371 .

[2] الأقط : الجبن المتخذ من اللبن الحامض، .لسان العرب 7: 257 (مادة أقط).

[3] الأدم بفتحتين: جمع الأديم: الجلد المدبوغ ، والأدم بضمّتين : جمع الأدام للطعام. مختار الصحاح: ص14 .

[4] الشَدْخ : كسر الشيء الرطب أو الأجوف، لسان العرب 3: 28 (مادة شدخ).

[5] الحيس : تمر بدق ويعجن بالسمن عجناً شديداً حتى يندر النوى منه. لسان العرب 6: 61 مادة (حيس).

[6] أرسال : جمع ( رسل ) وهو القطيع من كلّ شيء ، الجماعة. لسان العرب 11: 281 (مادة رسل).

[7] أمالي الطوسي: 41 ـ 42 / ح45.