Logo Logo
الإمام زین العابدین(ع) ، ظروف الإمامة وملامح عصره وأهمّ إنجازاته
الإمام زین العابدین(ع) ، ظروف الإمامة وملامح عصره وأهمّ إنجازاته

الإمام زین العابدین(ع) ، ظروف الإمامة وملامح عصره وأهمّ إنجازاته

ظروف الإمامة وملامح عصره وأهمّ إنجازاته

وقد قُدّر للإمام زين العابدين أن يتسلّم مسؤولياته القيادية والروحية بعد استشهاد أبيه (ع) فمارسها خلال النصف الثاني من القرن الأول، في مرحلة من أدقّ المراحل التي مرّت بها الاُمة وقتئذ، وهي المرحلة التي أعقبت موجة الفتوح الاُولى، فقد امتدّت هذه الموجة بزخمها الروحي وحماسها العسكري والعقائدي، فزلزلت عروش الأكاسرة والقياصرة، وضمّت شعوباً مختلفة وبلاداً واسعة إلى الدعوة الجديدة، وأصبح المسلمون قادة الجزء الأعظم من العالم المتمدّن وقتئذ خلال نصف قرن.

لقد تعرضت الاُمة الإسلامية في عصر هذا الإمام (ع) لخطرين كبيرين:

الأول: هو خطر الانفتاح على الثقافات المتنوعة، والذي قد ينتهي بالاُمة إلى التميّع والذوبان وفقدان أصالتها، فكان لابدّ من عمل علمي يؤكّد للمسلمين أصالتهم الفكرية وشخصيّتهم التشريعية المتميّزة المستمدة من الكتاب والسنّة. وكان لابدّ من تأصيل للشخصية الإسلامية، وذلك من خلال زرع بذور الاجتهاد.

وهذا ما قام به الإمام علي بن الحسين(ع) فقد بدأ حلقة من البحث والدرس في مسجد الرسول(ص) وأخذ يحدّث الناس بصنوف المعرفة الإسلامية، من تفسير وحديث وفقه وتربية وعرفان، وراح يفيض عليهم من علوم آبائه الطاهرين(ع).

وهكذا تخرّج من هذه الحلقة الدراسيّة عدد مهمّ من فقهاء المسلمين، وكانت هذه الحلقة المباركة هي المنطلق لما نشأ بعد ذلك من مدارس الفقه الإسلامي، وكانت الأساس لحركة الفقه الناشطة.

الثاني : هو الخطر الناجم عن موجة الرخاء والانسياق مع ملذّات الحياة الدنيا، والإسراف في زينة هذه الحياة المحدودة، وبالتالي ضمور الشعور بالقيم الخلقية.

وقد اتّخذ الإمام زين العابدين(ع) من الدعاء أساساً لدرء هذا الخطر الكبير، الذي ينخر في الشخصية الإسلامية ويهزّها من داخلها هزّاً عنيفاً، ويحول بينها وبين الاستمرار في أداء رسالتها. ومن هنا  كانت «الصحيفة السجادية» تعبيراً صادقاً عن عمل اجتماعي عظيم كانت ضرورة المرحلة تفرضه على الإمام(ع) إضافة إلى كونها تراثاً ربّانياً فريداً يظلّ على مرّ الدهور مصدر عطاء، ومشعل هداية ومدرسة أخلاق وتهذيب، وتظلّ الإنسانية بحاجة إلى هذا التراث المحمّدي العلوي، وتزداد إليه حاجة كلّما ازداد الشيطان للإنسانية إغراءً ، والدنيا فتنةً له
[1].

المصادر:


[1] السيد الشهيد محمد باقر الصدر((قدس سره)) في مقدمته للصحيفة السجادية.