Logo Logo
العلماء يقوم بتهيئة القوافل لزيارة الاربعين
العلماء يقوم بتهيئة القوافل لزيارة الاربعين

العلماء يقوم بتهيئة القوافل لزيارة الاربعين

العلماء يقوم بتهيئة القوافل لزيارة الاربعين

كان بعض العلماء يقوم بتهيئة القوافل استعداداً للسير على الأقدام إلى كربلاء، ومن أشهر مراجع التقليد السبّاقين في هذا المضمار آية الله السيد محمود الشاهرودي الّذي كان يخرج من النجف قبل غيره مشياً على الأقدام، ثمّ يتبعه سائر الأساتذة والطلبة؛ ثمّ يعود بعد انتهاء الزيارة إلى النجف مشياً على الأقدام خلافاً للآخرين أيضاً حيث يستقلّون المركبات للعودة,
[1] ويقال أنّه تشرّف بزيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام أربعين مرّةً.

وكان لآية الله الشهيد المدني قافلةٌ للزيارة خاصّةٌ به، وفي هذا يقول حجة الإسلام الدشتي: «توجّهنا مع الشهيد آية الله المدني من النجف إلى كربلاء في سنةٍ صادف فيها شهر ذي الحجّة شتاءٌ شديد البرودة، للتشرّف بزيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم عرفة، وكان يرافقه في هذه الزيارة المرحوم الشيخ علي حجتي الكرماني والمرحوم الشيخ أحمد الكافي، وبعد المسير عدّة فراسخ وصلنا إلى إحدى القرى العشائريّة، فتقدّم رجلٌ عربيٌّ مرحّباً بآية الله المدني غاية الترحيب ودعاه ومن معه إلى مضيفه لأنّه كان معروفاًـ لا سيما من قبل شيوخ العشائر ـ وله مكانةٌ خاصّةٌ لديهم. بقينا الليل هناك للخلود إلى الاستراحة، ثمّ واصلنا مسيرنا صباحاً حتّى وصلنا مدينة طويريج الّتي تبعد عن كربلاء عشرين كيلومتراً وكان السيّد المدني يتلو علينا كلّما توقّفنا للاستراحة عدّة أحاديث ومواعظ أخلاقيّةٍ، وربّما كان يطرح بحثاً علميّاً، وفي طويريج كانت تنتابه روحٌ معنويّةٌ غريبةٌ، فتحدّث مرّةً عن فضيلة زيارة الإمام الحسين عليه السلام وشبّه حرم الإمام بكعبة الآمال ثمّ قال: لنواصل هذا الطريق وحتّى الحرم حفاةً مهرولين، رغم ما كان يعانيه من مرضٍ وآلام في الرجل، لكنّه تقدّم علينا مهرولاً وهو يتلو الآية الكريمة: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ...} وهي آيةٌ تُتلى حول السعي بين الصفا والمروة في مناسك الحجّ، ثمّ نقوم نحن بترديد هذه الآية من بعده، وبعد دخولنا مدينة كربلاء، قال الشهيد المدني: لا بدّ من أن نتشرّف بالزيارة ونحن على هذه الحال من التعب والقدم المتورّمة، ثمّ تقدّمنا باكياً هاتفاً: يا حسين، وتبعناه حتّى دخلنا الحرم الحسينيّ على هذه الحال؛ فقام السيّد الكافي بتلاوة مراسم الزيارة والمراثي والأشعار الخاصّة بالمناسبة المؤلمة.»

وكان آية الله السيّد مصطفى الخمينيّ من جملة علماء النجف وأساتذتها المواظبين على الذهاب لزيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام خاصّةً في الأوّل والنصف من رجب والنصف من شعبان وعرفة وزيارة الأربعين، وكان يصرّ على إكمال الطريق رغم التورّم والجروح الّتي تصيب قدميه أحياناً، رافضاً الركوب في السيّارات ولو لجزءٍ من الطريق رغم إصرار زملائه، وما إن كانت عيناه تقعان على منائر حرم الحسين عليه السلام لدى وصوله كربلاء والراية الحمراء المرفوعة على قبّته حتى كانت الدموع تنهمر من عينيه دون إرادةٍ منه، ويتمتم بمصائب أهل البيت عليهم السلام ويلطم على رأسه وصدره.
[2]

ورغم كونه نجل المرجع الكبير الإمام الخميني ـ قدّس سرّه ـ إلاّ أنّه كان يقوم كواحدٍ من الطلبة بخدمة رفاقه ومَن معه في الطريق وتقديم المساعدة لهم، كما أنّه كان يطرح بحوثاً علميّةً لدى توقفه للإستراحة في محطّات الطريق.

يقول آية الله محمّد حسن القديري:>في إحدى المرّات وصلنا ونحن في طريقنا إلى كربلاء إلى بستانٍ قريبٍ من المدينة، فقرّرنا قضاء الليل فيه، فتجمّعنا حول السيّد مصطفى الخمينيّ، وبعد أن تحدّث إلينا، قرّرنا توجيه بعض الأسئلة في مختلف أقسام العلوم الحوزويّة على أن يجيب عليها السيّد مصطفى، فطُرحت عليه أسئلةٌ كثيرةٌ في الفقه والأصول والفلسفة والتفسير والعرفان والأخلاق، فأجاب عليها السيّد مصطفى جميعاً دون الرجوع إلى أيّ مصدرٍ وعلى مدى نحو أربع ساعاتٍ، فتعجّبت كثيراً ممّا لديه من استعدادٍ.»
[3]

كما كان السيّد موسى الصدر زعيم الشيعة في لبنان أحد عشّاق شعائر السير على الأقدام من النجف إلى كربلاء، وفي هذا يقول السيّد محمّد علي الموحّد الأبطحي: "كان للإمام موسى الصدر حينما يأتي معنا مشياً من النجف إلى كربلاء ولَهٌ في هذه الزيارة؛ حيث تنتابه حالاتٌ معنويّةٌ عند الدعاء وزيارة عاشوراء وتحمرّ عيناه من شدّة البكاء عند تلاوة الدعاء وزيارة عاشوراء، وكان يتلو مصائب أهل البيت عليهم السلام بقصائد فارسيّةٍ وعربيّةٍ فصيحةٍ بحالةٍ من الألم الشديد، وفي نفس الوقت كان أكثرنا سعياً في العمل وحمل متاع السفر، أمّا عند المزاح والنكتة فكان يطرح مواضيع تنطوي على بعدٍ علميٍّ وأخلاقيٍّ.»[7]

المصادر:


[1]- محتشمي بور، مذكرات، ص175.

[2]- رحيميان، حديث رويش، ص149.

[3]- موقع ثقافة الإيثار والشهادة للمعلوماتيّة.

[4]- أبا ذري، الإمام موسى الصدر، اميد محرومان، ص176- 178.