Logo Logo
مظاهر من شخصيّة الإمام زين العابدين(ع)(تعامله مع الفقراء)
مظاهر من شخصيّة الإمام زين العابدين(ع)(تعامله مع الفقراء)

مظاهر من شخصيّة الإمام زين العابدين(ع)(تعامله مع الفقراء)

تعامله مع الفقراء :

أ ـ تكريمه للفقراء :
كان(ع) يحتفي بالفقراء ويرعى عواطفهم ومشاعرهم، فكان إذا أعطى سائلاً قبّله، حتى لا يُرى عليه أثر الذلّ والحاجة
[1]، وكان إذا قصده سائل رحّب به وقال له: «مرحباً بمن يحمل لي زادي إلى الآخرة»[2].

ب ـ عطفه على الفقراء: كان(ع) كثير العطف والحنان على الفقراء والمساكين، وكان يعجبه أن يحضر على مائدة طعامه اليتامى والأضراء والزمنى والمساكين الذين لا حيلة لهم، وكان يناولهم بيده، كما  كان يحمل لهم الطعام أو الحطب على ظهره حتى يأتي باباً من أبوابهم فيناولهم إيّاه
[3]. وبلغ من مراعاته لجانب الفقراء والعطف عليهم أنّه كره اجتذاذ النخل في الليل; وذلك لعدم حضور الفقراء في هذا الوقت فيحرمون من العطاء، فقد قال(ع) لقهرمانه ووجده قد جذّ نخلاً له من آخر الليل: «لا تفعل، ألا تعلم أنّ رسول الله(ص) نهى عن الحصاد والجذاذ بالليل؟!». وكان يقول: «الضغث تعطيه من يسأل فذلك حقه يوم حصاده»[4].

ج ـ نهيه عن ردّ السائل: وكان الإمام(ع) ينهى عن ردّ السائل; وذلك لما له من المضاعفات السيّئة التي منها زوال النعمة وفجأة النقمة.

وقد أكد الإمام(ع) ضرورة ذلك في كثير من أحاديثه، فقد روى أبو حمزة الثمالي، قال: «صلّيت مع عليّ بن الحسين الفجر بالمدينة يوم جمعة، فلمّا فرغ من صلاته وسبحته نهض إلى منزله وأنا معه، فدعا مولاةً له تسمّى سكينة، فقال لها: لا يعبر على بابي سائل إلاّ أطعمتموه فإنّ اليوم يوم جمعة، فقلت له: ليس كل من يسأل مستحقاً، فقال(ع): يا ثابت، أخاف أن يكون بعض من يسألنا مستحقاً فلا نطعمه، ونردّه فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله، أطعموهم، أطعموهم، إنّ يعقوب كان يذبح كلّ يوم كبشاً فيتصدّق منه، ويأكل هو وعياله منه، وإنّ سائلاً مؤمناً صوّاماً محقّاً، له عند الله منزلة وكان مجتازاً غريباً اعتر على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره، يهتف على بابه: أطعموا السائل الغريب الجائع من فضل طعامكم، يهتف بذلك على بابه مراراً وهم يسمعونه، وقد جهلوا حقّه، ولم يصدّقوا قوله، فلمّا يئس أن يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى الله عزّ وجل، وبات طاوياً وأصبح صائماً جائعاً صابراً حامداً لله، وبات يعقوب وآل يعقوب شباعاً بطاناً وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم، قال فأوحى الله إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي، واستوجبت بها أدبي ونزول عقوبتي، وبلواي عليك وعلى ولدك. يا يعقوب، إنّ أحبّ أنبيائي إليّ وأكرمهم عليّ من رحم مساكين عبادي وقرّبهم إليه وأطعمهم، وكان لهم مأوى وملجأ، يا يعقوب، أما رحمت ذميال
[5] عبدي المجتهد في عبادته، القانع باليسير من ظاهر الدنيا؟!... أما وعزّتي لأنزلنّ بك بلواي، ولأجعلنّك وولدك غرضاً لمصائبي. فقال أبو حمزة: جعلت فداك متى رأى يوسف الرؤيا؟ قال(ع): في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعاً، وبات فيها ذميال طاوياً جائعاً»[6].

المصادر:


[1] حلية الأولياء  3 : 137.

[2] كشف الغمة 2: 288.

[3] مناقب آل أبي طالب  4: 166 و 167  .

[4] وسائل الشيعة 9: 201 .

[5] ذمل البعير: سار سيراً ليناً. وذميال هنا: اسم السائل.

[6] علل الشرائع  1: 61 ب 42 ح 1 .