Logo Logo
مظاهر من شخصيّة الإمام زين العابدين(ع) (صدقـاته)
مظاهر من شخصيّة الإمام زين العابدين(ع) (صدقـاته)

مظاهر من شخصيّة الإمام زين العابدين(ع) (صدقـاته)

صدقـاته :

وكان من أعظم ما يصبو إليه الامام زين العابدين(ع) في حياته الصدقة على الفقراء لإنعاشهم ورفع البؤس عنهم، وكان(ع) يحثّ على الصدقة; وذلك لما يترتّب عليها من الأجر الجزيل، فقد قال: «ما من رجل تصدّق على مسكين مستضعف فدعا له المسكين بشيء في تلك الساعة إلاّ استجيب له»
[1].

ونشير إلى بعض ألوان صدقاته وجميل خصاله :

أ ـ التصدّق بثيابه: كان(ع) يلبس في الشتاء الخزّ، فإذا جاء الصيف تصدّق به أو باعه وتصدّق بثمنه، وكان يلبس في الصيف ثوبين من متاع مصر ويتصدّق بهما إذا جاء الشتاء
[2]، وكان يقول: «إني لأستحي من ربّي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه»[3].

ب ـ التصدّق بما يحبّ:
كان يتصدّق باللوز والسكَّر، فسئل عن ذلك فقرأ قوله تعالى: (لَن تَنَالُوا البِّرَّ  حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )
[4].

وروي أنّه كان عليّ بن الحسين(ع) يعجبه العنب، فكان يوماً صائماً فلمّا أفطر كان أوّل ما جاء العنب، أتته أُمّ ولد له بعنقود عنب، فوضعته بين يديه، فجاء سائل فدفعه إليه، فدسّت أُمّ ولده الى السائل فاشترته منه، ثم أتته به فوضعته بين يديه، فجاء سائل آخر فأعطاه إياه ففعلت أُم الولد كذلك، ثم أتته به فوضعته بين يديه، فجاء سائل آخر فأعطاه...
[5].

ج ـ مقاسمة أمواله : وقاسم الإمام أمواله مرّتين فأخذ قسماً له، وتصدّق بالقسم الآخر على الفقراء والمساكين
[6].

د ـ صدقاته في السرّ : وكان أحبّ شيء عند الإمام(ع) الصدقة في السر، لئلاّ يعرفه أحد، وقد أراد أن يربط نفسه ومن يعطيهم من الفقراء برباط الحبّ في الله تعالى، توثيقاً لصلته بإخوانه الفقراء بالإسلام، وكان يحثّ على صدقة السرّ ويقول: «إنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ»
[7].

وقد اعتاد الفقراء على صلة لهم في الليل، فكانوا يقفون على أبوابهم ينتظرونه، فإذا رأوه تباشروا وقالوا: جاء صاحب الجراب
[8].

وكان له ابن عم يأتيه بالليل فيناوله شيئاً من الدنانير فيقول له العلوي: إنّ عليّ بن الحسين لا يوصلني، ويدعو عليه، فيسمع الإمام ذلك ويغضي عنه، ولا يُعرّفه بنفسه، ولمّا توفّي(ع) فقد الصلة، فعلم أنّ الذي كان يوصله هو الإمام عليّ بن الحسين(ع) فكان يأتي قبره باكياً ومعتذراً منه
[9].

وقال ابن عائشة: سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السرّ حتى مات عليّ بن الحسين
[10].

وكان(ع) شديد التكتّم في صلاته وهباته، فكان إذا ناول أحداً شيئاً غطّى وجهه لئلاّ يعرفه
[11].

وقال الذهبي : إنّه كان كثير الصدقة في السرّ
[12].

وكان(ع) يجعل الطعام الذي يوزّعه على الفقراء في جراب ويحمله على ظهره، وقد ترك أثراً عليه
[13].

هـ ـ ابتغـاؤه مرضاة الله: ولم يكن الإمام(ع) يبتغي في برّه وإحسانه إلى الفقراء إلاّ وجه الله عزّوجلّ والدار الآخرة، ولم تكن عطاياه وصدقاته(ع) مشوبة بأيّ غرض من أغراض الدنيا.

وعن سفيان بن عيينة قال: رأى الزهري عليّ بن الحسين في ليلة باردة مطيرة على ظهره دقيق وحطب وهو يمشي، فقال له: يابن رسول الله، ما هذا؟ قال(ع): «اُريد سفراً، اُعدّ له زاداً أحمله إلى موضع حريز». فقال الزهري: هذا غلامي يحمله عنك، فأبى، قال: أنا أحمله فإنّي أرفعك عن حمله، فقال عليّ بن الحسين: ولكنّي لا أرفع نفسي عمّا ينجيني في سفري، ويحسّن ورودي على ما أردُ عليه، أسألك بحق الله لمّا مضيت لحاجتك وتركتني».

فانصرفت عنه فلمّا كان بعد أيام قلت له: يابن رسول الله، لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثراً.

قال(ع): «بلى يا زهري، ليس ما ظننته، ولكنّه الموت وله أستعدُّ، إنّما الاستعداد للموت تجنّب الحرام وبذل الندى في الخير»
[14].

المصادر:


[1] وسائل الشيعة  6 : 296.

[2] تاريخ دمشق 41: 399.

[3] مناقب آل أبي طالب  4: 167 .

[4] مبحار الأنوا 46: 89، أعيان الشيعة 1: 633.

[5] الكافي 6: 350.

[6] مناقب آل أبي طالب  4: 167 .

[7] مناقب آل أبي طالب : 3/292 .

[8] مناقب آل أبي طالب 3: 293.

[9] كشف الغمة : 2/319 .

[10] حلية الأولياء وعنه في مناقب آل أبي طالب  4: 166 .

[11] مناقب آل أبي طالب 3: 293 .

[12] تذكرة الحفّاظ  1: 75.

[13] تاريخ اليعقوبي : 2/303 .

[14] علل الشرائع 1: 231.