Logo Logo
منهج الإمام سجاد (ع) فی الحج
منهج الإمام سجاد (ع) فی الحج

منهج الإمام سجاد (ع) فی الحج

حجّه (ع) :

وكان يحثّ على الحج والعمرة بقوله: «حجّوا واعتمروا تصحَ أجسامكم، وتتّسع أرزاقكم، ويصلح إيمانكم، وتكفوا مؤونة الناس ومؤونة عيالاتكم»[1].

وقال(ع): «الحاج مغفور له، وموجوب له الجنّة، ومستأنف به العمل، ومحفوظ في أهله وماله»
[2].

وقال(ع): «الساعي بين الصفا والمروة تشفع له الملائكة...»
[3].

وكان(ع) يدعو إلى تكريم الحجّاج إذا قدموا من بيت الله الحرام ويقول: «يا معشر مَن لم يحجّ، استبشروا بالحاج وصافِحوهم، وعظّموهم فإنّ ذلك يجب عليكم تشاركوهم في الأجر»
[4].

وحجّ(ع) غير مرّة ماشياً  كما حجّ أبوه وعمّه الحسن(ع)، وحج على ناقته عشرين حجّة وكان يرفق بها  كثيراً.

وقال إبراهيم بن عليّ: حججتُ مع عليّ بن الحسين فتلكّأتْ ناقته فأشار إليها بالقضيب، ثم ردّ يده، وقال: «آه من القصاص...»
[5].

وكان الإمام(ع) إذا أراد السفر إلى بيت الله الحرام احتفّ به القرّاء والعلماء; لأنّهم كانوا يتزوّدون منه العلوم والمعارف والحكم والآداب، وقال سعيد بن المسيب: إنّ القرّاء كانوا لا يخرجون إلى مكّة حتى يخرج عليّ بن الحسين، فخرج وخرجنا معه ألف راكب
[6].

وإذا انتهى الإمام إلى أحد المواقيت التي يحرم منها; يأخذ بعمل سنن الإحرام، وإذا أراد التلبية عند عقد الإحرام اصفرّ لونه واضطرب ولم يستطع أن يلبّي، فاذا قيل له: ما لك لا تلبّي؟ قال: «أخشى أن أقول: لبيك، فيقول لي: لا لبيك».

وإذا لبّى غشي عليه من كثرة خوفه من الله تعالى، ويسقط من راحلته، ولا يزال يعتريه هذا الحال حتى يقضي حجّه
[7].

وكان الإمام(ع) إذا أدّى مناسكه في البيت الحرام; أقبل على الصلاة تحت ميزاب الرحمة.

ورآه طاووس اليماني في ذلك المكان قائماً وهو يدعو  ويبكي من خشية الله، فلمّا فرغ من صلاته قال له طاووس: يابن سول الله، رأيتك على حالة كذا ولك ثلاثة، أرجو أن تؤمنك من الخوف، أحدها: أنّك ابن رسول الله(ص)، الثاني: شفاعة جدّك، الثالث: رحمة الله.

فقال(ع): «يا طاووس، أمّا أ نّي ابن رسول الله(ص) فلا يؤمنني وقد سمعت الله تعالى يقول: (فَلاَ  أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذ وَلاَ يَتَساءَلُونَ)
[8]، وأمّا شفاعة جدّي فلا تؤمنني; لانّ الله تعالى يقول:(وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى )[9] وأمّا رحمة الله فإنّ الله تعالى يقول: إنّها رحمة الله قريب من المحسنين[10] ولا أعلم أنّي محسن»[11].

وقال طاووس: رأيت عليّ بن الحسين يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبّد، فإذا لم يرَ أحداً رمق السماء بطرفه وقال: «الهي، غارت نجوم سماواتك، وهجعت عيون أنامك، وأبوابك مفتّحات للسائلين، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد (ص) في عرصات القيامة».

ثم بكى وقال: «وعزّتك وجلالك ما أردتُ بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاكّ، ولا بنكالك جاهل، ولا لعقوبتك متعرّض، ولكن سوّلت لي نفسي، وأعانني على ذلك سترك المرخى به عليَّ، فأنا الآن من عذابك من يستنقذني، وبحبل من اعتصم إن قطعت حبلك عنّي...». ثم خرّ إلى الأرض ساجداً، فدنوت منه ورفعت رأسه ووضعته في حجري، فوقعتْ قطرات من دموعي على خدّه الشريف فاستوى جالساً، وقال بصوت خافت: «من هذا الذي أشغلني عن ذكر ربي؟».

فأجابه طاووس بخضوع وإجلال: أنا طاووس يابن رسول الله، ما هذا الجزع والفزع ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جانون؟ أبوك الحسين بن عليّ واُمّك فاطمة الزهراء وجدّك رسول الله.

فأجابه الإمام(ع): «هيهات هيهات يا طاووس، دع عنك حديث أبي واُمي وجدّي، خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن ولو كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيّداً قرشياً، أما سمعت قوله تعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ  أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذ وَلاَ يَتَساءَلُونَ )؟ والله لا ينفعك غداً إلاّ ما تقدّمه من عمل صالح»
[12].

المصادر:


[1] وسائل الشيعة 11: 15.

[2] فروع الكافي : 4/252 .

[3] من لا يحضره الفقيه 2 : 208، ح 2168 .

[4] الكافي 4: 264.

[5] الفصول المهمة 2: 861.

[6] بحار الأنوار 46: 149.

[7] خلاصة تذهيب تهذيب الكمال: 273.

[8] المؤمنون : 101 .

[9] الأنبياء : 28 .

[10] الأعراف : 56.

[11] بحار الأنوار : 46 / 101.

[12] مناقب آل أبي طالب 3: 291 ـ 292.