Logo Logo
زائر الحسين(ع) في الأربعين
زائر الحسين(ع) في الأربعين

زائر الحسين(ع) في الأربعين

يا زائر الحسين(ع) في الأربعين

طوبی لك يا زائر الحسين(ع)! فأنت مصداق إجابة الله تعالی لدعوة إبراهيم(ع) حينما قال: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}
[1] ولِمَ لا؟! والحسين(ع) ريحانة محمد(ص)[2] سليل الشجرة الإبراهيمية[3] وابنه الغالي الذي بكى لقتله[4]، وهو(ع) منه والنبي(ص) منه[5].

وهذه قلوب الملايين من محبيك وشيعتك تهوي إليك وحشودهم ترتع حولك وهي قد شدّت الرحال إليك من أدنی المعمورة وأقصاها بمختلف ألسنتهم، لتجسّد المودّة التي أمر الله تعالی في قرباه
[6].

جاؤوك أفواجاً وفراداً، زرافات ووحداناً، صغاراً وكباراً، ذكوراً وأناثاً، شيباً و شباباً، لا يعبأوون ببرد الشتاء القارس ولا بحرّ الصيف الرامض، ولا يبالون بوابل الأمطار والسيول وأشعة الشمس الحارقة، ولا ينثنون أمام العبوات الناسفة، ورشّات الرصاص، وتقطيع الأوصال، والذبح بالسيوف. وفدوا إليك ليعلنوا ولاءهم ويعرضوا نصرهم للاسلام الأصيل الذي جسّدتموه بأبعاده المختلفة
[7] وحملتم رايته بأغلی التضحيات وأقدس القرابين.

فهاهم زوّار الإمام الحسين(ع) يسلكون درب الهداية والتحرّر من براثن الظلم والطغيان، ويركبون سفينة النجاة
[8]، ويشدّون أواصر المحبة والولاء مع آل الله، آل بيت الوحي، ويقتبسون نوراً من نبراسهم، كما أمرهم بذلك رسول الله(ص)[9].

نعم، هذه الحشود البشرية جاءت لتجدد العهد بالنصرة والانقياد لتعاليم الإسلام مع إمام زمانهم مهدي هذه الأمة
[10]، ومنقذ الإنسان من الجور والطغيان، وباسط العدل والأمان علی وجه الأرض[11]، بعد أن تعلّموا من الحسين(ع) وأصحابه رضوان الله عليهم الإباء والحرية في وقعة كربلاء الخالدة وكسّروا القيود النفسانية والأغلال الدنيوية.

فهنيئاً لك يا زائر الحسين(ع)؛ لأنّك قصدت الحسين(ع) وأنت تعلم أنّه حيّ يرزق
[12] يسمع كلامك ويتفاعل معك، فتأتي مرقده الشريف ومرقد ولده علي الأكبر(ع) ومرقد أخيه العباس(ع) وسائر مراقد أصحابه وتظهر الحزن الشديد بصور متعددة، وتبكي عندها  امتثالاً لله تعالی[13] وأسوةً برسول الله(ص)[14] واستجابةً لدعوته(ص) ودعوة آله المطهّرين لزيارته[15]، فسلام الله علی حبيبه محمد خاتم الأنبياء(ص) ووصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) وعلی فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين÷ وعلی ‌الحسن المجتبی(ع)، والسلام علی الحسين(ع) وعلی علي بن الحسين وعلی أولاد الحسين والتسعة من ذريته المعصومين وعلی أصحاب الحسين؛ فلقد علّمونا حبّ الناس، ومعاني الإيثار والشجاعة، والأدب، والصدق، والرحمة، ومساعدة المظلومين ومناصرتهم، والالتزام بأحكام الاسلام، والتقيّد بمواقيت الصلاة، واحترام الكبار، والعطف علی الصغار، والرأفة بالمرأة والفقراء، والرفق بالحيوان والعناية بالطبيعة والإنسان معاً، ونهونا عن ظلم الآخرين.

وهاهم خفافيش العصر السوداويون أذناب الأمويين كأسلافهم قتلة حفيد النبي(ص) وحبيبه الحسين(ع)، هاهم يقتلون أتباع النبي وآله^ حقداً وحسداً، وهجروا سنّة النبي(ص) وتركوا أخلاقه(ص) التي وصفها تعالی في كتابه المجيد بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}
[16].

وها هي القنوات المأجورة   تعتّم علی هذه المسيرة المليونية؛ لما تری فيها من زلزلة لعروش الطغاة وتنوير للرأي العام العالمي؛ فهيهات لهم أن يطفئوا هذا النور العظيم
[17]. وهذه صرخة زينب÷ سيدة الإعلام الحسيني في وجه أشدّ العتاة والطغاة جريمة وبشاعة، تقول÷ ليزيد: «فكد كيدك واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم يناد المناد ألا لعنة الله على الظالمين»[18]. فعلی الرغم من التقتيل والتشريد والنفي والحبس والتعذيب، نری هذا النور يملأ الآفاق ويبشّر بالأمل.

إنّ المجمع العالمي لأهل البيت يقدّم تحياته إلى الجماهير والحشود المتوجّهة إلی كربلاء، قبلة الأحرار، ويسأل الله تعالی أن يتقبّل أعمالهم ويأخذ بأيدينا وأيديهم لما هو خير، ليعودوا إلى أوطانهم وأهاليهم سالمين غانمين، وأن يعجّل في فرج وليّنا الإمام المهدي#، ويجعلنا وأيّاكم من أنصاره وأعوانه والممتثلين لأوامره.

المصادر:


[1] سورة إبراهيم، الآية: 37.

[2] صحيح البخاري: كتاب الأدب.

[3] تفسير الثقلين: ج4، الأحاديث: 106و107و115و116 .

[4] تهذيب التهذيب لابن حجر: باب الحاء، من اسمه الحسين.

[5] قال رسول الله(ص): حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً ..... صحيح الترمذي2:  307.

[6] قال الله تعالی: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} سورة الشوری:الآية: 23.

[7] تفسير مجمع البيان: ج 6: ص 73.

[8] قال رسول الله(ص):من أحبّ أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل اللَّه المتين، فليوالِ عليّاً بعدي، وليعادِ عدوّه، وليأتمّ بالأئمّة الهداة من ولده.

[9] قَالَ رَسُول الله’: اِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ الله، وَعِتْرَتِي اَهْلَ بَيْتِي، مَا اِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا اَبَدًا، وَانَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتى يرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ. صحيح مسلم ۷: ۱۲۲ .

[10] قال رسول الله(ص): «إنّ من مات ولم يعرف إمام زمانه، مات ميتة جاهلية»، مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ إِمَامٍ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.

[11] قال رسول الله(ص): لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً منّي أو من أهل بيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

[12] قال الله: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. سورة آل عمران، الآية: 169.

[13] قال الله تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} .سورة الحشر، الآية:7.

[14] قال الله تعالی: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله  وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ الله  كَثِيرًا}. سورة الاحزاب، الآية:21.

[15] هناك الكثير من الروايات الصحيحة التي وردت في التأكيد علی زيارة قبر الحسين(ع). راجع علی سبيل المثال كتاب: كامل الزيارات للشيخ الصدوق محمّد بن جعفر بن قولويه القمّي المدفون في رواق الكاظمين.

[16] سورة القلم: الآية:4.

[17] قال الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}. سورة التوبة، الآية: 32.

[18] بحار الأنوار للمجلسي45: 135.