Logo Logo
أهمية المشي لزيارة الأئمة المعصومين
أهمية المشي لزيارة الأئمة المعصومين

أهمية المشي لزيارة الأئمة المعصومين

أهمية المشي لزيارة الأئمة المعصومين

لا شكّ في أنّ زيارة الأماكن المقدّسة لها مكانة في الثقافات المختلفة عبر التاريخ، كما كان المشي إليها أمراً سائداً ومتعارفاً؛ ولهذا ليس من الغريب وجود مفهوم الزيارة في الثقافة الإسلاميّة والسير على الأقدام إليها فإنّ توصيات الأئمّة(ع) بالزيارة والسعي إليها مشياً هو في الحقيقة حثٌّ على القيام بهذه الزيارة واستذكار القيم لدى صاحب المزار.

عن بريد بن معاوية العجلي قال: كنت عند أبي جعفرٍ(ع) إذ دخل عليه قادم من خراسان ماشياً، فأخرج رجليه وقد تغلّفتا وقال: «أما والله ما جاءني من حيث جئت إلاّ حبكم أهل البيت.» فقال أبو جعفر(ع): «والله لو أحبّنا حجرٌ حشره الله معنا، وهل الدين إلاّ الحبّ؟ إن الله يقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ…}
[1] وقال: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.}[2] وهل الدِّينُ إلاّ الحبّ.»[3]

وعن الحسين بن إسماعيل الصيمري عن أبي عبد الله(ع) قال: «مَن زار أمير المؤمنين(ع) ماشياً كتب الله له بكلّ خطوةٍ حجّةً وعمرةً، فإن رجع ماشياً كتب الله له بكلّ خطوةٍ حجّتين وعمرتين.»[4]

وذُكِر اسمُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) عند الإمام الصادق(ع)، فسأله شخصٌ يسمّى ابن مارد: «ما لِمَن زار جدّك أمير المؤمنين(ع)؟» فقال: «يا ابن مارد، مَن زار جدّي عارفاً بحقّه كتب الله له بكلّ خطوةٍ حجّةً مقبولةً وعمرةً مبرورةً. والله يا ابن مارد، ما يُطعم الله النارَ قدماً أغبرت في زيارة أمير المؤمنين(ع) ماشياً كان أو راكباً. يا ابن مارد،أكتب هذا الحديث بماء الذهب.»[5]

وعن صفوان الجمال قال: لـمّا وافيتُ مع جعفرٍ الصادق(ع) الكوفة يريد أبا جعفر المنصور، قال لي: «يا صفوان أنخِ الراحلة، فهذا قبر جدّي أمير المؤمنين.» فأنختها، ثمّ نزل فاغتسل وغيَّر ثوبَه وتحفّى وقال لي: >إفعل مثل ما أفعله.< ثمّ أخذ نحو الذكوة وقال لي: «قصّر خطاك وألق ذقنك الأرض، فإنّه يُكتب لك بكلّ خطوة مِائة ألف حسنةٍ ويمحى عنك مِائة ألف سيّئة وترفع لك مِائة ألف درجةٍ ويكتب لك ثواب كلّ صدّيقٍ وشهيدٍ مات أو قتل.» ثمّ مشى ومشيتُ معه وعلينا السكينة والوقار نسبّح ونقدّس ونهلّل إلى أن بلغنا الذكوات، فوقف(ع) ونظر يمنةً ويسرةً وخطّ بعكّازته فقال لي: «أطلب،» فطلبتُ فإذا أثر القبر، ثمّ أرسل دموعه على خدّه وقال: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون.»[6]

وعن قدامة بن مالك عن أبي عبد الله(ع) قال: «من زار الحسين محتسباً لا أشِراً ولا بطراً ولا سمعةً مُحّصت عن ذنوبه كما يمضض الثوب في الماء فلا يبقى عليه دنسٌ، ويكتب له بكلّ خطوةٍ حجّةٌ، وكلّما رفع قدماً عُمرة.»[7]

وعن الحسين بن ثوير قال: قال أبو عبد الله(ع): «يا حسين، مَن خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي(ع)، إن كان ماشياً كُتب له بكلّ خطوةٍ حسنةٌ ومُحي عنه سيّئة، حتّى إذا صار في الحير كتبه الله من المفلحين المنجحين، حتّى إذا قضى مناسكه، كتبه الله من الفائزين، حتّى إذا أراد الإنصراف أتاه ملكٌ فقال: إنّ رسول الله(ص) يُقرِؤك السلام ويقول لك: إستأنف العمل فقد غفر لك ما مضى.»[8]

وقال الإمام الصادق(ع) لبشير الدهّان: «يا بشير، إنّ الرجل منكم لَيغتسل على شاطئ الفرات ثمّ يأتي قبر الحسين(ع) عارفاً بحقه فيعطيه الله بكل قدم يرفعها أو يضعها مِائة حجة مقبولة ومِائة عُمرة مبرورة ومِائة غزوة مع نبيٍّ مرسل.»[9]

وعن أبي الصامت قال: سمعت أبا عبد الله(ع) وهو يقول: «مَن أتى قبر الحسين(ع) ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة.»[10]

وعن الحسين بن سعيد عن جعفر بن محمد(ع) أنه سُئل عن الزائر لقبر الحسين(ع)، فقال: «مَن إغتسل في الفرات ثمّ مشى إلى قبر الحسين(ع) كان له بِكُلّ قدم يرفعها ويضعها حجة متقبّلة بمناسكها.»[11]

وعن رفاعة بن موسى النخّاس، عن أبي عبد الله(ع) قال: «إنّ مَن خرج إلى قبر الحسين(ع) عارفاً بحقه واغتسل في الفرات وخرج من الماء كان كمثل الّذي خرج من الذنوب، فإذا مشى إلى الحسين لم يرفع قدماً ولم يضعأخرى إلاّ كتب الله له عشر حسناتٍ ومحا عنه عشر سيّئاتٍ.»[12]

وعن الحسين بن ثوير عن أبي عبد الله(ع) قال: «... إذا أتيت أبا عبد الله(ع) فاغتسل على شاطئ الفرات ثمّ البس ثيابك الطاهرة ثمّ امشِ حافياً فإنّك في حرمٍ من حُرَم الله ورسوله بالتكبير والتهليل والتمجيد والتعظيم لله كثيراً والصلاة على محمّدٍ صلى الله عليه وآله وأهل بيته.»[13]

وعن علي بن ميمون الصائغ، عن أبي عبد الله(ع) قال: «يا علي، زُرِ الحسينَ ولا تدعه.» قال: قلت: «ما لِمن أتاه من الثواب؟» قال: «من أتاه ماشياً كتب الله له بكل خطوة حسنةً، ومحا عنه سيّئةً، ورفع له درجةً، فإذا أتاه وكّل اللهُ به ملَكَين يكتبان ما خرج مِن فِيهِ من خير، ولا يكتبان ما يخرج من فيه من سيّءٍ ولا غير ذلك، فإذا انصرف ودّعوه وقالوا: يا وليّ الله مغفورٌ لك، أنت من حزب الله وحزب رسوله وحزب أهل بيت رسوله، واللهِ لا ترى النار بعينك أبداً، ولا تراك ولا تُطعمك أبداً.»[14]

ونُقل عن سدير الصيرفي قال: كنّا عند أبي جعفر(ع) فذكر فتى قبرَ الحسين(ع)، فقال له أبو جعفر(ع): «ما أتاه عبدٌ فخطا خطوةً إلاّ كُتبت له حسنة وحُطّت عنه سيّئة.»[15]

ونَقل ابن مسكان عن الإمام الصادق(ع) قال: «مَن زار الحسين(ع) من شيعتنا لم يرجع حتّى يُغفر له كلّ ذنبٍ، ويُكتب له بكلّ خطوةٍ خطاها وكلّ يدٍ رفعتها دابّتُه ألف حسنةٍ ومحا عنه ألف سيّئة، ويرفع له ألف درجة.»[16]

وهناك الكثير من الأحاديث في تراث الأئمة المعصومين عليهم السلام الّتي ذكرت أجرَ مَن يزورهم، لا سيما الإمام الحسين(ع)، ومنها:

إنّ أولياء الله يزورون الزائر يوم القيامة, وإنّ الزائر ينجو من الذنب والعذاب يوم القيامة, وإنّ الزائر ينجو من أهوال القيامة وشدائدها, وإنّ الزائر موعودٌ بالجنّة, وإنّ الزائر موعودٌ بالشفاعة, وإنّ الزائر موعودٌ بمرافقة أهل البيت وإعطائه منزلتهم, وإنّ للزائر أجرَ مَن هاجر في عهد النبيّ(ص), وإنّ من يزور النبي(ص) والحسين(ع) كمن يزور الله في عرشه,
[17]

وإنّ أجر زائر الحسين(ع) يعادل عشرين حِجّة وأكثر من عشرين حجّة وعُمرة, وإنّ الله يعطي زائر الإمام الحسين(ع) أجرَ عِتق ألف رقبة, وإنّ من يزور الإمام الحسين(ع) في النصف من شعبان وليلة عيد الفطر وليلة عرفة من نفس العام فإنّ الله يعطيه أجر ألف حجةٍ وألف عمرةٍ مقبولةٍ ويقضي له ألف حاجةٍ.[18]

ولا ريب في أنّ هذا الأجر بل وأكثر منه يُعطى إن شاء الله للزائر الّذي يُراعي آداب الزيارة مِن الغُسل والزيارة والأذكار والخضوع والخشوع واللباس الطاهر وإذن الدخول وتقبيل العتبة والتحدّث بصوتٍ منخفضٍ والتكبير والاقتراب من الضريح واستقبال القبلة وتلاوة الزيارة المأثورة وإقامة صلاة الزيارة وتلاوة القرآن وحضور القلب والتوبة وتكريم الحرم وزيارة الوداع وآدابها والعناية بالفقراء والمساكين وغير ذلك.

ولا شكّ في أنّ مِن أهمّ آداب الزيارة هي معرفة الإمام(ع) حقَّ معرفته واتّباعه في القول والعمل والإخلاص في زيارته، ولعلّ الفرق الّذي ذكرته الروايات حول معدّل الأجر الّذي تراوح بين الحسنة الواحدة إلى الألف يعود إلى مستوى المعرفة بالإمام ومدى اتّباعه والإخلاص له في الزيارة.

المصادر:


[1]- آل عمران: 31.

[2]- الحشر: 9.

[3]- النوري الطبرسي، مستدرك الوسائل، ج12، ص219.

[4]- الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، ج14، ص380.

[5]- الطوسي، تهذيب الأحكام، ج6، ص21.

[6]- المجلسي، بحار الأنوار، ج97، ص280.

[7]- نفسه، ج98، ص19.

[8]- نفسه ، ج98، ص143.

[9]- نفسه.

[10]- نفسه، ج98،ص147.

[11]- نفسه، ج98، ص147.

[12]- نفسه، ج98، ص 152.

[13]- نفسه، ج98،ص24.

[14]- نفسه، ج98،ص25.

[15]- نفسه.

[16]- دائرة المعارف الإسلاميّة، ذيل المصطلح (خليل).

[17]- المجلسي، بحار الأنوار، ج97، ص140.

[18]- الفيض الكاشاني، الوافي، ج14، ص 1475.